على الحدود بين الأمل واليأس.. قصة أم مفقودة وأبناء ينتظرون خبرًا يطفئ لهيب القلق

بين ثنايا قصص العابرين للحدود، تبرز مأساة إنسانية عميقة، بطلتها أمٌّ غيّبها المصير المجهول، وأبناء أيتام تتقاذفهم أمواج الحيرة والقلق منذ تسعة أشهر. قصة بدأت بالبحث عن لقمة العيش وانتهت بنداء يتردد صداه بحثًا عن إجابة لسؤال واحد: “هل هي على قيد الحياة؟”.
تلقيت قبل ساعتين تقريبًا مناشدة من شاب وعائلته، مناشدة مؤلمة توجع لها القلوب. والدتهم، أسماء إدريس محمد التي كانت مقيمة في المملكةالعربيةالسعودية وتكافح من أجلهم، تم ترحيلها بتهمة “العمل لحسابها الخاص”. لم يقوَ قلب الأم على فراق أبنائها الأيتام، فقررت بعد فترة وجيزة أن تخاطر بكل شيء وتعود إليهم.
قبل خمسة أشهر، اتخذت قرارها الصعب بالعودة عبر الحدود. لكن الرحلة المحفوفة بالمخاطر لم تكتمل. انقطع أثرها في محافظة العارضة بمنطقة جازان. وبحسب شهادة المهرّب الذي كان يرافقها، فإن الأم “ضاعت” في منطقة تخضع لرقابة أمنية مكثفة. كل من كان معها وصلوا وجهتهم، إلا هي!
منذ ذلك الحين، يعيش أبناؤها في دوامة من التساؤلات المؤلمة. هل هي محتجزة في أحد سجون مخالفي أمن الحدود في جازان؟ هل أُعيدت قسرًا إلى الأراضي اليمنية عبر حدود صعدة؟ أم أن مصيرًا آخر، لا يجرؤون حتى على التفكير فيه، قد حلّ بها؟
المعلومات شحيحة، فالأم لم تكن تحمل هاتفًا ولا تحفظ أي رقم. كل ما يملكه الأبناء هو هذه الرواية المنقوصة، وأمل ضئيل بأن يصل صوتهم إلى من يملك معلومة. يقول ابنها في رسالته: “والله ٩ شهور م ذقنا فيها طعم الراحه لا ليلنا ليل ولا نهارنا نهار.. بس نبي نعرف هل هيا بخير ولا لا.. لو عرفنا انها هناك اقل شي نرتاح ونتطمن انها عايشه”.
إنها ليست مجرد قصة عن مخالفة أنظمة، بل هي صرخة أبناء يبحثون عن رائحة الأمان المتمثلة في أمهم. نداء إنساني عاجل نوجهه عبر الإعلام إلى أصحاب القلوب الرحيمة وكل من يستطيع المساعدة، سواء من الجهات الرسمية أو الأفراد في منطقة جازان أو على الجانب اليمني من الحدود، للمساهمة في البحث أو تقديم أي معلومة قد تنهي هذا الانتظار القاتل.
لؤي العزعزي